الميلاد: من الأدباء الذين كان لطريقتهم الإنشائية أثرٌ في الجيل الحاضر، وُلِد في منفلوط من صعيد مصر سنة 1876م، وتلقَّى علومه في الأزهر.
وكان يميل إلى مطالعة الكتب الأدبية كثيرًا، ولزم الشيخ محمد عبده فأفاد منه.
النسب:
هو مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي المنفلوطيُّ.
النشأة:
وُلِد بمنفلوط من مدن الوجه القبلي بمصر، وتعلَّم بالأزهر، واتصل بمحمد عبده، وسجن بسببه ستة أشهر لقصيدة قالها تعريضًا بالخديوي عباس حلمي.
وكان على خلاف مع محمد عبده، ونشر في جريدة المؤيد عدة مقالات تحت عنوان النظرات.
وولي أعمالًا كتابية في وزارة المعارف ووزارة الحقَّانية وأمانة سر الجمعية التشريعية، وأخيرًا في أمانة سر المجلس النيابي.
أهم كتبه ورواياته:
- النظرات؛ وتقع في ثلاثة أجزاء، وهي مجموعة مقالاته وآرائه الاجتماعية، وتذهب آراؤه إلى إحياء الفضيلة الصحيحة والضمير النقي.
- العَبَرات.
- الشاعر (ترجمة للرواية الفرنسية لبلزاك).
- الفضيلة (وهي مترجمة أيضًا).
- في سبيل التاج.
- مختارات المنفلوطي.
- ماجدولين؛ وهي قصص عرَّبها بالواسطة.
وتتميز كتابته بصدق العاطفة في آرائه، واندفاعه الشديد من أجل المجتمع، وقد استطاع أن ينقذ أسلوبه النثري من الزينة اللفظية والزخارف البديعية.
ولكن عيب عليه ترادفه وتنميقه الكثير، واعتناؤه بالأسلوب المصنوع دون المعنى العميق.
أطواره:
كان يميل في نظرياته إلى التشاؤم، فلا يرى في الحياة إلا صفحاتها السوداء، فما الحياة بنظره إلا دموع وشقاء، وكتب قطعة (الأربعون) حين بلغ الأربعين من عامه، وقد تشاءم فيها من هذا الموقف.
رحل كل ذلك عن الأحياء فيما عدا ما بقي من آثاره، وغاض ذلك النبع الفيَّاض وكان منهلًا عذبًا لكل قارئ، وموردًا صافيًا لكل متأدِّب.
وانطفأت تلك الجذوة التي كانت تتقد أسًى وألمًا على المساكين، وتلتهب حزنًا وشجوًا للمحبين.
ورقد هذا القلم وقد جفَّ عنه المعين الذي كان يستمد منه الحياة والقوة والجمال، وعجز حتى عن رثاء صاحبه، ووصف فجيعة الأدب به، ولم يكن ليعجز عن وصف المآسي، وندب النوابغ، وبكاء الفواجع، وعزاء المصابين.
مواقف من حياته:
شارك المنفلوطي في السيادة الوطنية وكان من مناصري سعد زغلول، ولقد لقي من جرَّاء ذلك ضيمًا، ولما رجع سعد زغلول من منفاه ولاه أعمالًا إنشائية في وزارة المعارف ثم في وزارة الحقَّانية.
ولما ترك منصبه عاد إلى الصحافة والكتابة موجِّهًا إلى مواطنيه رسالة الرحمة والتحرُّر، وفي أواخر حياته أسندت إليه وظيفة كتابية في مجلس النواب لبث فيها إلى أن تُوُفِّي.
مرضه:
أصيب بشلل بسيط قبل وفاته بشهرين، فثقل لسانه منه عدة أيام، فأخفى نبأه عن أصدقائه، ولم يجاهر بألمه.
ولم يدعُ طبيبًا لعيادته؛ لأنه كان لا يثق بالأطباء، ورأيه فيهم أنهم جميعًا لا يصيبون نوع المرض، ولا يتقنون وصف الدواء، ولعل ذلك كان السبب في عدم إسعاف التسمُّم البولي الذي أصيب به قبل استفحاله.
فقد كان قبل إصابته بثلاثة أيام في صحة تامة لا يشكو مرضًا ولا يتململ من ألم، وفي ليلة الجمعة السابقة لوفاته.
كان يأنس في منزله إلى إخوانه ويسامرهم ويسامرونه، وكان يَفِدُ إليه بعض خواصِّه وأصدقائه من الأدباء والموسيقيين والسياسيين، حتى إذا قضى سهرته معهم انصرفوا إلى بيوتهم ومخادعهم.
وانصرف هو إلى مكتبه فيبدأ عمله الأدبي في نحو الساعة الواحدة بعد نصف الليل.
وفي نحو الساعة الثانية عشرة من تلك الليلة انصرف أصدقاؤه كعادتهم وانصرف هو إلى مكتبه.
ولكنه ما كاد يمكث طويلًا حتى أحسَّ بتعب أعصابه وشعر بضيق في تنفُّسه، فأوى إلى فراشه ونام، ولكن ضيق التنفس أرَّقه.
كُتِب عليه أن يختم حياته بالتأوُّه والأنين، كما عاش متأوِّهًا من مآسي الحياة، ساجعًا بالأنين والزفرات، وأدار وجهه إلى الحائط وكان صبح عيد الأضحى قد أشرقت شمسه.
ودبَّت اليقظة في الأحياء، فدبَّ الموت في جسمه في سكون، وارتفعت روحه مطمئنة إلى السماء بعدما عانت آلامها على الأرض سنة 1924م[1].
المصدر: موقع قصة الإسلام